لا شك أن قيمة أي علم ترتبط إرتباط وثيق بقيمة موضوع العلم وشرف العلم تبعا لشرف المعلوم لذلك فإن أشرف العلوم ما كان متعلق بخالق الكون ومدبره وفى ذلك فلنبذل الأوقات والأعمار والجهود ولتشمر الهمم فى محاول التعرف إلى الله الواحد الأحد سبحانه قال تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله}.
والله جل جلاله ذم الذين قصروا علمهم وبحثهم على علوم الدنيا قال سبحانه {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}.
فالله الذى لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى وقد فطر الإنسان على حب الكمال والله سبحانه جمع الكمالات والصفات العلىَ لذلك قيل أرجحكم عقلا أشدكم لله حبا والسعادة الكبرى الحقيقية ليست في فهم تعريفات الأسماء الحسنى ولكن أن نعيشها والفرق كبير بين أن نفهم أسماء الله الحسنى بحدودها وتعريفاتها والفرق بينها وبعض الأدلة وأقوال العلماء فيها وبين أن نعيش هذه الأسماء.
العلم بأمر الله وبخلق الله يحتاج إلى قراءة الكتب والمذاكرة والمدارسة وحفظ كل ذلك في الدماغ لكن معرفة الله عز وجل طريقها المجاهدة والمسافة بين المدارسة والمجاهدة واسعة فقد يإخذ الإنسان أعلى الشهادات وهو غارق في أحط الشهوات أما جهاد النفس والهوى يجعل الإنسان يصطبغ بصبغة الله ويعقد بينه وبين الله صلة ويأتيه من هذه الصلة كل الخير.
فعند ما نعيش الأسماء الحسنى نشعر بعظمة هذا الدين ونعلم أن أمر الله عز وجل عظيم مستمدا من عظمة الله فمعرفة حقيقة الآمر هي التي تعين على تنفيذ الأمر.
وعلينا ونحن نجاهد أنفسنا ونلزمها بالحياة في معية طاعة الله أن نرى أن نرى أن الله هو القابض الباسط وهو الضار النافع وهو المعز المذل وهو المعطى المانع وهو المبدي المعيد سبحانه ولهذه الأسماء خاصية معينة فلا يجوز أن نجعلها من الأسماء الحسنى إلا وهي مزدوجة وبذلك نحقق التنزيه لله سبحانه ويحصل الكمال: قال ابو الدرداء: ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر.
ولنأخذ لفتة لمحاولة التعرف على إسم: الضار النافع.
أكثر العلماء على أن الجمع بين هذين الإسمين أولى وأبلغ في الوصف بالقدرة على: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا نافع ولا ضار غيره
وقال بعضهم: الضار والنافع إسمان أو وصفان يدلان على تمام القدرة الإلهية فلا ضر ولا نفع ولا شر ولا خيرإلا بإرادة الله.
في بعض الأدعية: إلهي أنت الضار توقع الضر والألام لأهل الشرك والفجار، وأنت العدل في إضرارك، وكلهم كالمرضى في حكمك فتداويهم بحكمتك وتوجد من الضر النفع، والنفع يشمل منافع الدنيا ومنافع الآخرة.
والله سبحانه لحكمته البالغة لابد أن يسوق لعبده العاصي بعض الشدائد وكلما كان الإنحراف أشد كانت الضربة قاسية فبعض الناس تكفيه النصيحة والبعض لا ينفع معه إلا الضرب المبرح وآخر يرجعه التعذيب قال تعالى: {كذلك العذاب} والعذاب ضيف مؤلم يدخل ويخرج وقد حمل الإنسان على التوبة.
دعا بعضهم فقال يارب إمنحني عيون التوحيد حتى لا أطلب دفع الضر إلا من جنابك.
النفع من الله والضر من الله {قل كل من عند الله} [النساء:78]، لكن علينا أن ننتبه إلى أن سبب الضر أنفسنا فيجب أن ننسب النفع إلى الله وأن ننسب الضر -ولو أن الله هو الضار-لأنفسنا.
قال تعالى {ما أصابك من سيئة فمن نفسك} [النساء:79]، فالحسنة من الله فعلا ومن الله تفضلا والسيئة من الله فعلا ومن العبد سببا.
يقول الأمام الرازى:إن الضار النافع وصفان: إما أن يعتبرا في أحوال الدنيا، أو في أحوال الدين، أما الأول فهو أن الله تعالى مُغن هذا ومُفقر ذاك ومعطٍ لهذا الصحة والمرض لذاك، وأما في أحوال الدين فهو يهدي هذا إذا شاء الهداية ويضل ذاك إذا أصر على الضلال تطلب الهدي فيهديك وتطلب الضلال فيضلك قال تعالى {قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لإستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأعراف:188]
وعلى المؤمن أن يكون نافعاً لعباد الله وأن يبذل النصح لكل أحد ولا يخالط أصحاب السوء لئلا يصيبه منهم الضرر وألا يرجو أحدا وألا يخشى أحدا وأن يجعل اعتماده على الله وأن يفوض أمره كله لله فالاستسلام لله والسكينة والطمأنينة ثمرة الإيمان بالله عز وجل.
الكاتب: تهاني الشروني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.